السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ
أيها الأفاضل : السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
فهذه نصائح وتوجيهات موجزة مفيدة تتعلق بشهر رمضان وما يندب فيه من الأعمال، وما يلاحظ على الكثير من المسلمين فيه من الخلل والنقص، وإرشادات إلى الخيرات التي ينبغي للمسلم الناصح لنفسه أن يسابق إليها، حتى يحظى بالعزة والتمكين، ويغفر الله له ما تقدم من ذنبه ، و قد نقلتها لكم تعميما للفائدة فرحم الله من أعد هذه الرسالة ومن كتبها ونقلها و نشرها و قرأها و عمل بما فيها .... تقبل الله منا ومنكم ، و وفقنا جميعا لما يحبه ويرضاه، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
أخي المسلم.. أختي المسلمة:
أولا : لقد خص الله رمضان عن غيره من الشهور بكثير من الخصائص والفضائل منها:
1 ـ خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك.
2- تستغفر الملائكة للصائمين حتى يفطروا.
3- يزين الله في كل يوم جنته ويقول: (( يوشك عبادي الصالحون أن يلقوا عنهم المئونة والأذى ثم يصيروا إليك )) .
4- تصفد فيه الشياطين.
5- تفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق فيه أبواب النار.
6- فيه ليلة القدر هي خير من ألف شهر، من حرم خيرها فقد حرم الخير كله.
7- يغفر للصائمين في آخر ليلة من رمضان.
8- لله عتقاء من النار، وذلك كل ليلة في رمضان.
فيا أخي الكريم ، و يا أختي الكريمة :
شهر هذه خصائصه وفضائله بأي شيء نستقبله ؟ بالانشغال واللهو وطول السهر،أو نتضجر من قدومه ويثقل علينا، نعوذ بالله من ذلك كله. ولكن.. العبد الصالح يستقبله بالتوبة النصوح والعزيمة الصادقة. سائلين الله الإعانة على حسن عبادته.
ثانيا: الأعمال الصالحة التي تجب أو تتأكد في رمضان:
1 ـ الصوم :
قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلّم ـ : (( كل عمل آدم له الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، يقول الله عز وجل: إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي. للصائم فرحتان: فرحة عند إفطاره، وفرحة عند لقاء ربه، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك )) أخرجه البخاري ومسلم .
لا شك أن هذا الثواب الجزيل لا يكون لمن امتنع عن الطعام والشراب فقط، وإنما كما قال النبي ـ صلى الله عليه وسلّم ـ : (( من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه )) أخرجه البخاري .
وقال ـ صلى الله عليه وسلّم ـ: (( الصوم جنة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يفسق ولا يجهل، فإن سابه أحد فليقل إني امرؤ صائم )) أخرجه البخاري ومسلم .
فإذا صمت يا عبد الله فليصم سمعك وبصرك ولسانك وجميع جوارحك، ولا يكن يوم صومك ويوم فطرك سواء كما روى ذلك عن جابر.
2 ـ القيام :
قال ـ صلى الله عليه وسلّم ـ : (( من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه )) رواه البخاري ومسلم .
وهذا تنبيه نهم، ينبغي لك أخي المسلم أن تكمل التراويح مع الإمام حتى تكتب في القائمين، فقد قال ـ صلى الله عليه وسلّم ـ : (( من قام مع إمامه حتى ينصرف كتب له قيام ليلة )) رواه أهل السنن .
3 ـ الصدقة :
كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلّم ـ أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، كان أجود بالخير من الريح المرسلة، وقد قال ـ صلى الله عليه وسلّم ـ : (( أفضل الصدقة صدقة في رمضان )) أخرجه الترمذي .
ولها أبواب وصور كثيرة منها:
أ ـ إطعام الطعام:
قال تعالى: (( ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيرا * إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا * إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا * فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا * وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا )) الإنسان:8-12 .
فقد كان السلف الصالح يحرصون على إطعام الطعام، ويقدمونه على كثير من العبادات، سواء كان ذلك بإشباع جائع أو إطعام أخ صالح، فلا يشترط في المطعم الفقر ، فلقد قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلّم ـ : (( أيما مؤمن أطعم مؤمنا على جوع أطعمه الله من ثمار الجنة، ومن سقى مؤمنا على ظمأ سقاه الله من الرحيق المختوم )) الترمذي بسند حسن .
وكان من السلف من يطعم إخوانه وهو صائم، ويجلس يخدمهم و يروحهم، منهم الحسن وابن مبارك.
قال أبو السوار العدوي: " كان رجال من بني عدي يصلون في هذا المسجد، ما أفطر أحد منهم على طعام قط وحده، إن وجد من يأكل معه أكل، وإلا أخرج طعامه إلى المسجد فأكله مع الناس وأكل الناس معه " .
وعبادة إطعام الطعام … ينشأ عنها عبادات كثيرة منها:
* التودد والتحبب إلى إخوانك الذين أطعمتهم، فيكون ذلك سببا في دخول الجنة: (( لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا )) رواه مسلم .
* كما ينشأ عنها مجالسة الصالحين، واحتساب الأجر في معونتهم على الطاعات التي تقووا عليها بطعامك.
ب - تفطير الصائمين :
قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (( من فطّر صائما كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء )) أخرجه أحمد والنسائي وصححه الألباني .
4 ـ الاجتهاد في قراءة القرآن:
احرص أخي في الله على قراءة القرآن بتدبر وخشوع، فقد كان السلف ـ رحمهم الله ـ يتأثرون بكلام الله عز وجل ، أخرج البيهقي عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: (( لما نزلت ((أفمن هذا الحديث تعجبون * وتضحكون ولا تبكون )) بكى أهل الصفة حتى جرت دموعهم على خدودهم، فلما سمع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حسهم بكى معهم فبكينا ببكائه، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (( لا يلج النار من بكى من خشية الله )) رواه الترمذي والنسائي .
5 ـ الجلوس في المسجد حتى تطلع الشمس:
(( كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا صلى الغداة ( الفجر ) جلس في مصلاه حتى تطلع الشمس )) أخرجه مسلم .
وأخرج الترمذي عن أنس ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال: (( من صلى ركعتين، كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة )) صححه الألباني .
هذا في كل يوم فكيف بأيام رمضان ؟
6 ـ الاعتكاف :
(( كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يعتكف في كل رمضان عشرة أيام ، فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوما )) أخرجه البخاري .
7 ـ العمرة في رمضان:
ثبت عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال : (( عمرة في رمضان تعدل حجة )) أخرجه البخاري ومسلم .
8 ـ تحري ليلة القدر:
قال تعالى : (( إنا أنزلناه في ليلة القدر * وما أدراك ما ليلة القدر * ليلة القدر خير من ألف شهر )) القدر:1-3 .
قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (( من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه )) أخرجه البخاري ومسلم .
وكان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يتحرى ليلة القدر ويأمر أصحابه بتحريها، وكان يوقظ أهله في ليالي العشر رجاء أن يدركوا ليلة القدر، وهي في العشر الأواخر من رمضان، وهي في الوتر من لياليه أحرى ، وفي الصحيح عن عائشة قالت: (( يا رسول الله أن وافقت ليلة القدر ماذا أقول ؟ قال: قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني )) .
9 ـ الإكثار من الذكر والدعاء والاستغفار:
أخي الكريم … أخي المبارك
أيام وليالي رمضان أزمنة فاضلة فاغتنمها بالإكثار من الذكر والدعاء وخاصة في أوقات الإجابة ومنها:
* عند الإفطار، فللصائم عند إفطاره دعوة لا ترد.
* ثلث الليل الأخير: حين ينزل ربنا تبارك وتعالى ويقول : (( هل من سائل فأعطيه ؟ هل من مستغفر فأغفر له ؟ )) البخاري ومسلم.
* الاستغفار بالأسحار، قال تعالى : (( و بالأسحار هم يستغفرون )) الذاريات:18.
* تحري ساعة الإجابة يوم الجمعة، وأحراها آخر ساعة من نهار يوم الجمعة.
ملاحظات ومخالفات يجب تجنبها:
* جعل الليل نهارا والنهار ليلا.
* النوم عن بعض الصلوات المكتوبة.
* الإسراف في المأكل والمشرب.
* التلثم والعصبية الزائدة أثناء القيادة.
* إضاعة الأوقات.
* تبكير السحور والنوم عن صلاة الفجر.
* قيادة السيارة بسرعة جنونية قبيل موعد الإفطار.
* عدم تأدية صلاة التراويح كاملة.
* افتراش الأرصفة واجتماع الشباب على معصية الله.
* الاجتماع مع زملاء العمل وقت الدوام وتجريح الصيام بالغيبة والنميمة.
* انشغال المرأة غالب وقتها بالمطبخ والأسواق.
أخيرا.. أخي ، أختي :
أظن أني قد أطلت عليك.. وأنا أحثك على اغتنام الوقت.. ولكن أتأذن لي أن نعرج سويا على أمر مهم.. بل هو مهم جدا ؟ أتدري ما هو ؟ إنه الإخلاص.. نعم الإخلاص.. فكم من صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش، وكم من قائم ليس له من قيامه إلا السهر والتعب ! أعاذنا الله وإياك من ذلك.. ولذلك نجد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يؤكد على هذه القضية بقوله: (( إيمانا واحتسابا )).
فنسأل الله لنا ولكم الإخلاص في القول والعمل وفي السر والعلن.